love4all
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

love4all

منتدى لكل العشاق
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
m.r.m
الفرعون العاشق
m.r.m


عدد الرسائل : 254
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 04/07/2008

قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9) Empty
مُساهمةموضوع: قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9)   قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9) Icon_minitime1الأربعاء أغسطس 13, 2008 10:42 pm


"هود عليه السلام"
وقد أرسله الله إلى عاد.

قال الله تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلا تَتَّقُونَ * إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ * فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الشعراء: 123-127].

نسب هود:

أرسل الله هوداً عليه السلام في قبيلة من القبائل العربية البائدة، المتفرعة من أولاد سام بن نوح عليه السلام، وهي قبيلة عاد، وسميت بذلك نسبةً إلى أحد أجدادها، وهو: عاد بن عوص بن إرم بن سام. وهو عليه السلام من هذه القبيلة ويتصل نسبه بعاد.

ويرجح النسابون أن نسبه كما يلي:

فهو: هود (عليه السلام) بن عبد الله بن رباح بن الخلود بن عاد - جدّ هذه القبيلة - ابن عوص بن إرم بن سام بن نوح (عليه السلام). والله أعلم.



مساكن عاد:

كانت مساكن عاد في أرض "الأحقاف"، من جنوب شبه الجزيرة العربية. والأحقاف تقع في شمال حضرموت، ويقع في شمال الأحقاف الربع الخالي، وفي شرقها عُمان. وموضع بلادهم اليوم رمال قاحلة، لا أنيس فيها ولا ديار.

قال الله تعالى: {وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلا تَعْبُدُوا إِلا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأحقاف: 21].

حياة هود مع قومه في فقرات:

لقد فصل القرآن الكريم قصة سيدنا هود عليه السلام مع قومه عاد في نحو عشر سور، وأبرز ما فيها النقاط التالية:

-1 إثبات نبوته ورسالته إلى عاد.

-2 ذكر أن عاداً كانوا خلفاء في الأرض من بعد قوم نوح.

-3 ذكر أن هؤلاء القوم كانوا:

(أ) أقوياء أشداء، ممن زادهم الله بسطة في الخلق.

(ب) مترفين في الحياة الدنيا، قد أمدهم الله بأنعام وبنين، وجنات وعيون، وألهمهم أن يتخذوا مصانع لجمع المياه فيها، وقصوراً فخمة شامخة، إلى غير ذلك من مظاهر النعمة والترف.

(جـ) يبنون على الروابي والمرتفعات مباني شامخة، ليس لهم فيها مصلحة تقصد إلاَّ أن تكون آيةً يتباهون بها، تُظهر قوتهم وبأسهم في الأرض.

(د) أهل بطش، فإذا بطشوا بطشوا جبارين.

(هـ) أصحاب آلهةٍ من الأوثان، يعبدونها من دون الله.

(و) ينكرون الدار الآخرة ويقولون: {إِنْ هِيَ إِلا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [المؤمنون:37]

-4 ذكر أن هوداً عليه السلام دعاهم إلى الله بمثل دعوة الرسل، وأمرهم بالتقوى، وأنذرهم عقاب الله وعذابه، فكذبوه واستهزؤوا بدعوته، وأصروا على العناد، واتبعوا أمر كل جبار عنيد منهم، ولم يؤمن معه إلاَّ قليل منهم، فاستنصر بالله، فقال الله له: {قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون: 40]، فأرسل الله عليهم الريح العقيم، ريحاً صرصراً عاتية، سخرها عليهم سبع ليالٍ وثمانية أيامٍ حسومٍ نحسات، تدمر كلّ شيء بأمر ربها، فما تذر من شيء أتت عليه إلاَّ جعلته كالرميم. فأهلكتهم، وأنجى الله برحمته هوداً والذين آمنوا معه، وتم بذلك أمر الله وقضاؤه.




إسحاق بن إبراهيم عليهما السلام



وقد ذكره الله في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، وقال تعالى: {وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنْ الصَّالِحِينَ}.
{وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ * إِنَّا أَخْلَصْنَاهُمْ بِخَالِصَةٍ ذِكْرَى الدَّارِ * وَإِنَّهُمْ عِنْدَنَا لَمِنْ الْمُصْطَفَيْنَ الأَخْيَارِ} [ص: 45-47].

ويترجح أنه كان رسولاً في أرض الكنعانيين "بلاد الشام في فلسطين"، في البيئة التي عاش فيها سيدنا إبراهيم.



حياة إسحاق عليه السلام في فقرات:

(أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياته عليه السلام ما يلي:

-1 لما بلغ إبراهيم عليه السلام من العمر (100) سنة ولدت له زوجته سارة المرأة العجوز العقيم إسحاق عليه السلام.

-2 أوصى إبراهيم أن لا يتزوج إسحاق إلا امرأة من أهل أبيه وقد كانوا مقيمين في أرض بابل "العراق". ونُفّذت وصية إبراهيم، فتزوج إسحاق عليه السلام "رفقة" بنت بتوئيل بن ناحور بن آزر، وناحور هذا هو أخو سيدنا إبراهيم عليه السلام، فتكون "رفقة" بنت ابن عمه.

(ب) وقد قص الله علينا في كتابه العزيز جوانب يسيرة من حياة إسحاق عليه السلام، تتلخص بالنقاط التالية:

-1 إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى إليه، وأنزل إليه طائفة من الشرائع.

-2 إثبات أنه عليم ونبي من الصالحين، وأن الله بارك عليه.

-3 إثبات أن الملائكة بشّرت إبراهيم بمولده من زوجته العجوز العقيم -وهي سارة-، فلما سمعت البشرى قالت: "يا ويلتا أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخاً إن هذا لشيء عجيب؟!".

-4 هو أبو إسرائيل الذي يرجع إليه نبل نسل بني إسرائيل.


يعقوب عليه السلام



وقد ذكره الله في عداد مجموعة الرسل عليه السلام، وقال تعالى: {فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلا جَعَلْنَا نَبِيًّا * وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} [مريم: 49-50].


حياة يعقوب عليه السلام في فقرات:

(أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياته عليه السلام ما يلي:

هو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، وأمه (رفقة) بنت بتوئيل بن ناحور بن آزر "تارح".

ويعقوب "إسرائيل" عليه السلام هو أبو الأسباط الإثني عشر، وإليه ينسب شعب بني إسرائيل، وقد جاء عند أهل التوراة أن الله سماه إسرائيل. ففي الإِصحاح (32) من سفر التكوين أنّ الملك الذي صارعه حتى الفجر سماه "إسرائيل" وقال له: لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت.

ذكر المؤرخون أنه ولد في مهجر الأسرة الإِبراهيمية في أرض الكنعانيين "فلسطين"، وشب في كنف أبيه إسحاق، ثم سافر إلى خاله (لابان بن بتوئيل بن ناحور) المقيم في "فدان آرام" من أرض بابل "العراق" وأقام عنده.

وكان للابان ابنتان هما: (لَيْئة") وهي الكبرى، و(راحيل) وهي الصغرى، فخطب يعقوب من خاله بنته الصغرى راحيل، فوافقه خاله مقابل أن يخدمه سبع سنين، ولكن خاله أدخله على ليئة البنت الكبرى بدلاً من راحيل التي خطبها واختارها، فكلم خاله في ذلك فقال له: اخدمني سبع سنين أخرى لأزوجك من راحيل أيضاً، فخدمه وجمع بين الأختين، ولم يكن الجمع بين الأختين في شريعتهم محرماً.

وكان لكل من الأختين ليئة وراحيل جارية، فتزوج يعقوب بهما أيضاً، وهما بِلْهة جارية راحيل، وزِلْفَة جارية ليئة.

وبذلك صار عنده أربع نسوة، وقد ولدن له أولاده الاثني عشر.

أما لَيْئة: فقد ولدت له ستة أولاد، وهم:

-1 رأوبين "وهو الولد البكر ليعقوب" 2- شمعون 3- لاوي "ومن نسله موسى عليه السلام" 4- يهوذا "ومن اسمه أخذت كلمة يهود" 5- يسّاكر6- زبولون.

وأما راحيل: فقد ولدت له ولدين، هما:

-1 يوسف "عليه السلام" 2- بَنْيامين.

وأما بِلهة جارية راحيل: فقد ولدت له ولدين أيضاً هما:

-1 دان 2- نفتالي.

وأما زِلْفَة جارية لَيْئَة: فقد ولدت له ولدين أيضاً هما:

-1 جاد 2- أشير.

وهؤلاء هم أولاده الاثنا عشر، وكان كل واحد منهم أباً لسبط من أسباط بني إسرائيل. قالوا: وكل أولاده قد ولدوا له وهو في "فدان آرام" عند خاله يرعى له الغنم مهراً لابنتيه، إلا بنيامين فقد ولد له بعد أن رجح إلى مهجر الأسرة الإِبراهيمية في أرض الكنعانيين.

قالوا: وقد ساق معه من غنم خاله نتاج سنة لدى عودته إلى مهجر الأسرة مع زوجاته وأولاده، وقد ابتلي عليه السلام بفراق ابنه يوسف - كما سيأتي - ثم اجتمعا في مصر، وتوفي بعد (17) سنة لما بلغ من العمر (147) سنة. وقد أوصى يعقوب ابنه يوسف أن يدفنه مع أبيه إسحاق، ففعل يوسف ذلك، وسار به إلى الشام ودفنه عند أبيه في المغارة بحبرون "مدينة الخليل".

(ب) وقد عرض القرآن الكريم إلى جوانب يسيرة من حياة يعقوب عليه السلام في عدد سور، وأهمها النقاط التالية:

-1 إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى له وأنزل إليه طائفة من الشرائع، وجعله من الصالحين ومن المصطَفَين الأخيار.

-2 وصيَّته لبنيه بقوله: {يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمْ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 132].

-3 امتنان الله على جده إبراهيم بميلاده من وراء إسحاق وبجعله نبياً.

-4 مشاهد مما جرى له من جرّاء حسد أولاده لأخيهم يوسف، وإلقائهم إياه في الجب، وادعائهم أن الذئب أكله، وشدة حزنه على فراقه، ثم انتقاله إلى مصر بعد أن صار يوسف عليه السلام حاكماً على خزائن الأرض فيها، وذلك ما تضمنته قصة يوسف المبسوطة في القرآن المجيد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://love4all.hooxs.com
m.r.m
الفرعون العاشق
m.r.m


عدد الرسائل : 254
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 04/07/2008

قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9) Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9)   قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9) Icon_minitime1الأربعاء أغسطس 13, 2008 10:43 pm

سليمان بن داود عليهما السلام




هو من الرسل الذين أرسلهم الله إلى بني إسرائيل بعد أبيه داود عليهما السلام، وقد انفردا من بين الرسل بأن الله آتاهما الملك والنبوة. وقد ذكر الله سليمان في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، فقال تعالى في سورة النساء: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا...} [النساء: 163].


حياة سليمان عليه السلام في فقرات:

)أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياة سليمان عليه السلام ما يلي:

-1 أوصى داود عليه السلام بالملك لولده سليمان، ولما مات داود ورثه سليمان في الملك، وكان عمره حينئذٍ اثنتي عشرة سنة، وكان سليمان - على حداثة سنه - ممن آتاهم الله الحكمة والفطانة وحسن السياسة.

-2 اتسع ملك سليمان، وغالَبَ الأمم من حوله، حتى ضرب الجزية على جميع ملوك الشام، ثم امتد ملكه حتى كان له نفوذ على ملوك اليمن، وخضعت له ملكة سبأ، فآمنت به ودخلت في دينه وطاعته.

-3 قام بعمارة بيت المقدس - تنفيذاً لوصية أبيه داود عليه السلام - بعد أربع سنين من توليه الملك، وأنفق في ذلك أموالاً كثيرة، وانتهى من عمرانه بعد سبع سنين، وأقام السور حول أورشليم (مدينة القدس).

ثم بنى الهيكل (القصر الملكي)، قالوا: وقد أتم بناءه في مدة ثلاث عشرة سنة، وأنشأ مذبح القربان، وكان له اهتمام عظيم بالإِصلاح والعمران، وكان له أسطول بحري، قالوا: وكانت السفن تجلب له من الهند الذهب والفضة والبضائع، والفيلة والقرود والطواويس، وكان له عناية فائقة بالخيل، يروضها ويعدها للحرب، وكانت له مجموعة كبيرة من النساء الحرائر والسراري.

قالوا: وقد قام بأعمال تجارية واسعة في البر والبحر، وأدخل نظام الضرائب والسُّخرة، حتى أصبحت عظمة حكمه مضرب الأمثال.

-4 وأورد المؤرخون أن سليمان عليه السلام حجَّ إلى بيت الله الحرام بمكة، في ركبٍ مَلَكيٍ كبيرٍ وفّى فيه نذره، وقدم في حجته ذبائح وقرابين كثيرةً، وأنه بعد حجه عليه السلام سافر بركبه إلى اليمن، ودخل أرض صنعاء. والله أعلم.

-5 ولبث في الملك (40) سنة ثم توفي عليه السلام، وقد بلغ عمره (52) سنة.

)ب) وقد تعرض القرآن الكريم في عدة سور لحياة سليمان عليه السلام، بشكل تناول أهم النقاط البارزة في حياته، مما يتصل بنبوته وملكه، وبعض صفاته ونعم الله عليه، وذكر منها ما لم يتعرض له أهل التاريخ، وأبرز ما جاء في الكتاب العزيز مما يتصل به عليه السلام النقاط التالية:

-1 إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى إليه كما أوحى إلى سائر الرسل، وأن الله آتاه علماً، وفضله وأباه على عالمي زمانه، كما قال أبوه داود من قبل: {الحمد الله الذي فَضَّلَنا على كثيرٍ من عباده المؤمنين}.

-2 إثبات أنه أوَّاب، ولذلك أثنى الله عليه بقوله :

{وَوهبنا لداود سليمان نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 30].



-3 إثبات أن الله أنعم عليه بنعم كثيرة منها ما يلي:

)أ) أن الله آتاه الملك ميراثاً من أبيه داود عليه السلام، قال تعالى: {وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} [النمل: 16].



(ب) أن الله آتاه علم منطق الطير، كما آتى أباه داود مثل ذلك من قبله.

(جـ) أن الله آتاه الحكمة على حداثة سنه، ويشهد لذلك قصة الاستفتاء الفقهي الذي وُجِّه إلى أبيه داود، فأفتى فيه بوجه، فاستدرك سليمان فأفتى بوجه آخر، وكان ما أفتى به سليمان أضمن للحق وأقرب للصواب، وقد أوردنا هذه القصة فيما سبق عند الكلام على حياة داود عليه السلام.

(د) أن الله سخَّر لسليمان الريح تجري بأمره حيث أراد، غُدُوُّها شهر ورواحها شهر، فإذا أرادها رخاء جرت بأمره رخاء حيث أصاب، وإذا أرادها عاصفةً جرت بأمره عاصفة إلى الأرض التي أراد.

فتسوق له السفن حسب إرادته، وتتجه بأمره إلى الأرض التي يوجهها إليها حسب المصالح التي يقدرها.

وهذا التسخير من المعجزات التي اختص الله بها سليمان عليه السلام.

(هـ) أن الله سخر له من الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه، ومن يزغ منهم عن أمر الله يذقه من عذاب السعير، يعملون له ما يشاء من محاريب، وتماثيل، وجفان كالجواب، وقدور راسيات. كما سخر له من الشياطين - وهم مَرَدَة الجن - من يغوصون له في البحار، لاستخراج ما يريد منها، ومن يبنون له المباني الضخمة، كما سلطه الله على آخرين من الشياطين إذ يكف شرهم عن الناس، وذلك بتقييدهم بالأغلال. قال الله تعالى: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ * وَءاخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ}.



مقرّنين في الأصفاد: مقيدين في الأغلال.

)و) أن الله سخر له الجنود من الجن والإِنس والطير، يجتمعون بأمره ويطيعونه. قال تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ}.



يوزعون: يؤمرون فيطيعون، ويمنعون فيمتنعون.

(ز) أن الله أسال له عين القِطر - وهو النحاس - فكان النحاس يتدفق له مذاباً من عين خاصةٍ كتدفق الماء، ولعل ذلك كان في أرض بركانية.

-4 ومن الأحداث التي جرت لسليمان عليه السلام، قصته مع ملكة سبأ، قالوا: واسمها بلقيس. والله أعلم.

وخلاصة هذه القصة - مقتبسة مما جاء في الكتاب المجيد في سورة (النمل) - كما يلي:

عرفنا أن الله سخَّر لسليمان الطير يستخدم كلاً منها في مهماته، ضمن حدود القدرات التي وهبها الله ذلك الصنف من الطير، وكان قد اختصه الله بفهم منطقها، وكيفية خطابها وإفهامها أوامره ونواهيه، وتلك معجزة خاصة من الله لسليمان.

وكان من الطير المسخرة له (الهدهد)، إلاَّ أن هذا الهدهد قد وهبه الله امتيازاً إدراكياً خاصاً، يستطيع أن يدرك به بعض ما يدركه الناس.

وذات مرة تفقّد سليمان جنوده من الطير، فلم يجد بينها طائر الهدهد.

قال سليمان: {مَا لِي لا أَرَى الْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنْ الْغَائِبِينَ * لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَابًا شَدِيدًا أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِي بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} [النمل: 20-21].

ثم أقبل الهدهد، وحضر بين يدي سليمان عليه السلام، وسمع تأنيبه على غيابه، وتوعُّدَه له إلاَّ أن يأتي بسلطانٍ مبين يبرر غيابه.

فقال الهدهد لسليمان: {أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ} [النمل: 22].

فسأله سليمان: ما هو هذا النبأ اليقين؟

فأجاب الهدهد: {إِنِّي وَجَدتُّ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ * وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ فَهُمْ لا يَهْتَدُونَ * يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل: 23-26].

قال سليمان: {قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنْ الْكَاذِبِينَ * اذْهَب بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ} [النمل: 27-28].

حمل الهدهد كتاب سليمان، وطار به حتى وصل إلى ملكة سبأ، فألقاه إليها، ففضته وقرأته.

ثم قالت لوزرائها ومستشاريها: {يَا أَيُّهَا المَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ} [النمل: 29]، فاسمعوا محتواه: {إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِاِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ * أَلا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 30-31].

ولما قرأت عليهم الكتاب قالت لهم: {يَا أَيُّهَا المَلأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِي} [النمل: 32].

قال ملَؤها ومستشاروها: "نحن أولو قوة وأولوا بأس شديد"، فإن كنت تريدين الحرب فنحن أهل لها، وقد ذكروا ذلك ليشدوا من قوى مليكتهم، ويشيروا عليها بعدم الاستسلام، ثم قالوا لها: {وَالأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ} [النمل: 33]. معلنين بذلك كمال الطاعة لما تأمر به.

قالت الملكة: {إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً} - أي: عنوة وعن طريق القتال - {أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً} {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 34-35]؟!

فالرأي أن نصانعه أولاً بالهدايا، ونحمِّلها لرجال دهاة منا، ينظرون مدى قوة سليمان، ثم بعد ذلك نقرر ما يجب أن نفعله في ضوء ما يأتينا من معلومات عنه.

حمل رسل ملكة سبأ هداياهم إلى سليمان، فلما وصلوا إليه ووضعوها بين يديه، قال سليمان: {أَتُمِدُّونَنِي بِمَالٍ فَمَا آتَانِي اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} [النمل: 36]!!.

وبذلك أعلن لهم أنه ليس بحاجة إلى مال، وإنما هو رسول صاحب دعوة ربانية. ثم قال لرئيس رسل ملكة سبأ:

{ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ} [النمل: 37].

فرجع الرسل، ووصفوا لمليكتهم ما شهدوه عن عظمة ملك سليمان، وقوة بأسه، وأنه لم يقبل هداياها، ولم يرضَ المصانعة، وأنه عازمٌ على ما ذكر في كتابه لها.

فعزمت الملكة على الاستسلام والانقياد، وشدّت رحالها وأحمالها، وسارت بركابها إلى سليمان.

علم سليمان عليه السلام بأن القوم وافدون إليه طائعين منقادين، فقال لوزرائه ومستشاريه، وسائر حاشيته من الإِنس والجن:{ يَا أَيُّهَا المَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ} [النمل: 38]؟!
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://love4all.hooxs.com
m.r.m
الفرعون العاشق
m.r.m


عدد الرسائل : 254
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 04/07/2008

قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9) Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9)   قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9) Icon_minitime1الأربعاء أغسطس 13, 2008 10:44 pm


فتسارع جنود سليمان وأنصاره لتلبية الطلب.

قال عفريت من الجن: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ} [النمل: 39].

وكان لسليمان مجلس ملكي يجلس فيه للاستشارة والقضاء، وتصريف مهام الملك.

قال الذي عنده علم من الكتاب: {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}.

وإذا بعرش ملكة سبأ حاضر بين يدي سليمان قبل أن يرتد إليه طرفه.

فلما رآه مستقراً عنده قال:{ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [النمل: 40].

وأعدّ سليمان لها صرحاً خاصاً قبل أن تصل إليه، وجعل أرضه ممردة من زجاج متلامع، مهيأ بشكل يخَاله الناظر لُجّةً.

وأراد عليه السلام أن يغير بعض معالم عرش ملكة سبأ، وينكِّره لها، ليمتحن قوة ملاحظتها وانتباهها إذا جاءت وشهدت مظاهر عظمة هذا الملك المؤيد بالخوارق والعجائب، ودهشت بها، ولذلك: {قَالَ نَكِّرُوا لَهَا عَرْشَهَا نَنظُرْ أَتَهْتَدِي أَمْ تَكُونُ مِنْ الَّذِينَ لا يَهْتَدُونَ}.

{فَلَمَّا جَاءَتْ}فوجئت بأول امتحان، فعرض عليها عرشها و "قيل: {أَهَكَذَا عَرْشُكِ}؟! فنظرت إليه - وكانت صاحبة فطنة وذكاء - وتأملته ثم "قالت: كأنه هو" وهي قولة فَطِنٍ حَذِر.

وكأنها أدركت السرَّ، وأنه عرشها حقاً نقل من اليمن إلى مركز ملك سليمان، ونُكِّر لها لامتحانها واختبار قوة ملاحظتها، فقالت: {وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ}.

وأعلنت بذلك أن الذي جاء بها إلى سليمان - من بلادها - مسلمة طائعة، ما كان قد حصل لديها من العلم بما عند سليمان من قوى خارقة وملك عظيم، وأنه مؤيد بما لم يؤيَّد به ملك آخر.

إنها امرأة ذات عقل راجح، وفطنة عالية، ولديها استعداد سريع لإِدراك الحقيقة والإِيمان بالله العلي القدير، إلا أن وجودها في بيئة كافرة - اعتادت أن تعبد من دون الله - هو الذي كان قد صدّها عن إدراك الحقيقة والإِيمان بها: {وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ}.

ثم دُعيت إلى دخول الصرح الذي أعدَّ لها:

"قيل لها: {ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا}.

قال سليمان لها: {إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ}.

وهنا أدركت أن ذكاءها البالغ قد خانها في هذه اللحظة، إذ امتحنت بأمر لم يسبق لها فيه ملاحظة أن تجربة، فأعلنت إيمانها مع سليمان لله رب العالمين.

"قالت: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [النمل: 44].

-5 ومن الأحداث التي جرت لسليمان عليه السلام مروره على وادي النمل، وذلك ما تضمنه قوله تعالى: {وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنْسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِي النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَتَبَسَّمَ ضَاحِكًا مِنْ قَوْلِهَا وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ} [النمل: 17-19].



فهذه القصة تتضمن أن الله خلق في هذه النملة قوة إدراك أدركت به مرور سليمان وجنوده في الوادي، فأمرت سائر النمل بدخول مساكنهم خشية أن يحطمهم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون، إذ لا غرض لهم بتحطيمهم، إنما هم قوم يجتازون في طريقهم، وكان ذلك هبة خاصة اختص الله بها وادي النمل هذا من دون سائر النمل.

وسمع سليمان قول النمل بما آتاه الله من معجزات، فتبسّم ضاحكاً من قولها، وتأمل في ما آتاه من نعمة الرسالة، ونعمة الملك، ونعمة اختصاصه بكثير من المعجزات، فدعا الله أن يُوزِعه - يلهمه - أن يشكر نعمته التي أنعم بها عليه وعلى والديه، وأن يعمل عملاً صالحاً يرضاه، وأن يدخله برحمته في عباده الصالحين.

-6 وقد تعرض القرآن الكريم لحادثةٍ جرت لسليمان عليه السلام، تتصل باهتمامه بإعداد خيول الجهاد في سبيل الله وإشرافه عليها، لأن الخيول كانت من أعظم وسائل القتال قبل وجود هذه الآليات الحربية الحديثة.

وخلاصة هذه الحادثة: أنه عليه السلام كان قد أمر بإعداد مجموعة كبيرة من خيول الجهاد، ثم أراد أن يشاهد ما بلغت إليه هذه الخيول وفرسانها من قوة وترويض، فعقد لذلك مشهداً في عشية يوم من الأيام، فعرضت عليه مجموعة الخيول بكامل عدتها الحربية، فسره مرآها، وأعجبته كثرتها وقوتها. ورأى جنود سليمان وخاصته إعجابه بهذه الخيول وحبه لها، وإقباله على اقتنائها ورياضتها، فقال مبيناً سرّ ذلك: "إني أحببت حب الخير عن ذكر ربي"، أي: إنني ما أحببت هذه الخيول تلبية لشهوة من شهوات النفس، ولا تحقيقاً لغرض من أغراض الدنيا، وإما أحببتها ابتغاء تقوية دين الله، ونشر الحق والخير. وإذا كان أناس يحبون أشياء من مظاهر الدنيا حب الشر، ورغبة في تلبية المطالب الدنيئة للأَنفس، فإني أحببت حب الخير، ورغبة بتحقيق طاعة الله تعالى. ثم إن هذا الحب ليس أثراً صادراً عن النفس التي تدفع كثيراً من ذوي السلطان إلى الظلم والعدوان، وبسط النفوذ على الشعوب لأغراض دنيوية، ولكنه أثر صادر عن ذكر الله تعالى، وذكر الله يدفع المؤمن إلى السعي في طاعته، والعمل ابتغاء مرضاته، وإن من طاعة الله تعالى الإِعداد للجهاد في سبيل نشر دينه.

ثم أمر عليه السلام بإجرائها فانطلق بها فرسانها من الجهة التي هو فيها، وتابعها النظر "حتى توارت بالحجاب" أي غابت عن بصره، ثم قال: "ردوها علي"، فلما وصلت إليه، وسرّه منظر صلفها وقوتها، وأعجبه ترويضها، أقبل عليها وطفق في تواضع كريم يمسح بيده سوقها وأعناقها تكريماً لها.

وإلى هذه الحادثة أشار القرآن الكريم بقوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ* فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ * رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالأَعْنَاقِ} [ص: 30-33].



-7 وقد تعرض القرآن الكريم لقصّة فتنة سليمان، وإلقاء الجسد على كرسيه، وذلك في قوله تعالى: {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ * قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: 34-35].



ولم يثبت بخبرٍ صحيح الأمر الذي فتن الله به سليمان، ولا المراد من قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا}. وقد ذكر المفسرون عدة وجوه يحتملها النص، ولكن لا سبيل إلى الجزم بواحد منها، ولأهل الحشو حول ذلك قصص لا أصل لها! وعليه فنحن نفوض الأمر إلى الله تعالى حتى يأتينا ما يكشف لنا المراد بوضوح.

وقد استأنس بعض المفسرين في شرح المراد من هذه الآية بما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن سليمان قال:

لأطوفنَّ الليلة على سبعين امرأة تأتي كل واحدة بفارس يجاهد في سبيل الله تعالى، ولم يقل إن شاء الله، فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل. قال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرساناً أجمعون.

قالوا: فلعل المراد من فتنة سليمان ابتلاؤه بما آتاه الله من ملك عظيم، ونساء كثيرات حرائر وإماء، وتمنيه أن يكون له من صلبه أولاد كثيرون يقاتلون في سبيل الله، ويوطدون دعائم الدولة الربانية، ونسيانه تعليق ذلك على مشيئة الله تعالى، وذلك إذ أخذ على نفسه أن يطوف في ليلة واحدة على عدد كبير من نسائه، تأتي كل واحدة منهن بفارس يجاهد في سبيل الله، وتجاوز بذلك حدود بشريته، ونسي أن يفوض تحقيق الأمر إلى مشيئة الله تعالى، فجوزي على هذا بأن النساء اللواتي طاف عليهن لم يحملن منه إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل. قالوا: فلعل هذا الشق هو المراد من قوله تعالى: {وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا }، فلما رأى سليمان ذلك رجع إلى ربه وأناب، وقال: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}. وبذلك فوض أمر توطيد الملك - الذي لا ينبغي لأحد من بعده - في مملكته الربانية إلى الله تعالى، لا إلى المجاهدين في سبيل الله من أولاده.

-8 وقد تعرض القرآن المجيد أيضاً لقصّة موت سليمان عليه السلام، وبعض الملابسات التي رافقت ذلك، فقال تعالى: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلا دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} [سبأ: 14].



المنسأة: العصا.

فهذا النص القرآني يدلّ على أن سليمان عليه السلام قضى الله عليه الموت فمات، وبقي أمر موته مجهولاً، وأنه كان قبل موته متكئاً على عصاه، فلما مات بقيت العصا هي الحافظة لتوازن جسمه من أن يخرّ.

لبث هكذا حتى جاءت دابة الأرض - قالوا: وهي الأرضة - فأخذت تأكل عصاه، إلى أن ضعفت العصا بتأثير الأرضة عن حمل جثة سليمان، فانكسرت فخرّ جسمه على الأرض، عند ذلك علموا موته، وأقبلوا عليه ودفنوه، وظهر لهم بعد البحث أن الموت قد حصل من زمن غير قصير. ولما رأت الجن - المسخرون لسليمان بالأعمال الشاقة من كل بناء وغواص - ذلك تبينوا أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين هذه المدة الواقعة ما بين موته وعلمهم به!!

والذي يظهر: أن سليمان عليه السلام كان إذا دخل محرابه وخلا لنفسه، واعتكف لعبادة ربه، لم يستطع أحد أن يدخل عليه - سواء كان من أهله أو من غير أهله، وسواء كان من الإِنس أو من الجن - حتى يأذن له. وذلك بما وهبه الله من هيبة وسلطان في الملك، وما يعلمون عنه من معجزات وخوارق عادات، وقوى نافذة يستطيع أن يسخر بها الجن والطير، والريح الرخاء والريح العاصفة، وبخاصة بعد أن استقر ملكه، وتمرس به نوَّابه، وكبرت سنه، وصار ميّالاً للخلوات، يعبد فيها ربه، ويتجرد فيها من كل علائق الدنيا. وأما طعامه وشرابه وحاجاته فإنهم يعلمون أن ذلك أيسر ما في الأمر عليه، فلا يضعونها في حسابهم، بل يفوضون له الأمر، حتى يأمر بشيء منها.

وبهذا التحليل تُدفع طائفة الإِشكالات التي قد تخطر على البال حول كيفية بقائه مدة من الزمن ميتاً، وهو ملك البلاد دون أن يعلم بذلك أهله وخاصته، والجن والشياطين المسخرون للعمل بأمره. والله أعلم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://love4all.hooxs.com
m.r.m
الفرعون العاشق
m.r.m


عدد الرسائل : 254
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 04/07/2008

قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9) Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9)   قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9) Icon_minitime1الأربعاء أغسطس 13, 2008 10:45 pm


أيوب عليه السلام


وقد ذكره الله في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، ففي خطابه لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، مثبتاً له أنه أوحى إليه كما أوحى إلى مجموعة من الرسل ومنهم أيوب، قال الله: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163].


نسب أيوب:

من المحقَّق أنه من ذرية إبراهيم عليه السلام، لقوله تعالى في معرض الحديث عن إبراهيم: "ومن ذريته داودَ وسليمانَ وأيوبَ ويوسفَ وموسى وهارون".(48 الأنعام/6).

وقد حصل اختلاف في تفصيل نسبه، وقال أبو البقاء في كلياته: "لم يصح في نسبه شيء".

وأقرب ما قيل في نسبه - على ما نظن - هو ما يلي:

فهو أيوب (عليه السلام) بن أموص بن زارح بن رعوئيل بن عيسّو "وهو العيص" ابن إسحاق بن إبراهيم الخليل (عليهما السلام).



حياة أيوب عليه السلام في فقرات:

(أ) أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياته عليه السلام ما يلي:

-1 كان أيوب عبداً صالحاً، صاحب غنىً كبير، وأهل وبنين.

قالوا: وكان يملك "البثينة" جميعها، وهي من أعمال دمشق. فقد ابتلاه الله بالرخاء، فآتاه المال والغنى والصحة، وكثرة الأهل والولد، فكان عبداً تقياً، ذاكراً لأنعم الله عليه.

جاء في تفسير المنار: أن أيوب عليه السلام كان أميراً غنياً، عظيماً محسناً.

-2 ثم ابتلاه الله بسلب النعمة، ففقد المال والأهل والولد، ونشبت به الأمراض المضنية المضجرة، فصبر على البلاء، وحمد الله وأثنى عليه، وما زال على حاله من التقوى والعبادة والرضا عن ربه.

-3 فكان في حالتي الرخاء والبلاء مثالاً رائعاً لعباد الله الصالحين، في إرضاء الرحمن وإرغام أنف الشيطان.

-4 قالوا: وكانت له امرأة مؤمنة اسمها (رحمة) من أحفاد يوسف عليه السلام، وقد رافقت هذه المرأة حياة نعمته وصحته، وزمن بؤسه وبلائه، فكانت في الحالين مع زوجها شاكرة فصابرة.

-5 ثم إن الشيطان حاول أن يدخل على أيوب مباشرة في زمن بلائه فلم يؤثّر به، ثم حاول أن يدخل إليه عن طريق امرأته، فوسوس لها، فجاءت إلى أيوب وفي نفسها اليأس والضجر مما أصابه، وأرادت أن تحرك قلبه ببعض ما فيه نفسها، فغضب أيوب وقال لها: كم لبثتُ في الرخاء؟ قالت: ثمانين، قال: كم لبثتُ في البلاء؟ قالت: سبع سنين، قال: أما أستحيي أن أطلب من الله رفع بلائي وما قضيتُ فيه مدة رخائي!!

ثم قال: والله لئن برئت لأضربنك مائة سوط، وحرّم على نفسه أن تخدمه بعد ذلك.

-6 أصبح أيوب بعد ذلك وحيداً يعاني بلاءه ويقاسي شدته صابراً محتسباً، ولما بلغ ذروة الابتلاء: {نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: 41]، ونادى ربّه: {أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين}.

فقال الله له: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: 42].

اركض برجلك: أي: اضرب الأرض برجلك، وادفع برجلك مكانا ما في الأرض.

فركض برجله، فلما تفجر له الماء شرب واغتسل، فشفاه الله وعاد أكمل ما كان صحة وقوة.

-7 جاءت إليه امرأته، فشهدت ما منَّ الله به عليه من العافية، ففرحت به وأقبلت عليه، وأراد أيوب أن يبرَّ بيمينه فيها ويضربها مائة سوط، فأوحى الله إليه أن يأخذ ضِغْثاً ويضرب امرأته به، ويكون ذلك قد تحلل من يمينه التي حلفها. وهذه من الحيل الشرعية للبرّ باليمين.

-8 ولما اجتاز أيوب بنجاح باهر دور الابتلاء - في حالتي الرخاء والبلاء - اصطفاه الله واجتباه فجعله رسولاً.

-9 وردَّ الله إليه ما كان فيه من النعمة، ووهب له أهله ومِثلَهم معهم برحمته.

قالوا: وقد ولد له (26) ولداً ذكراً، وكان من أولاده (بِشر) اصطفاه الله وجعله رسولاً، وسماه (ذا الكفل).

-10 ويغلب على الظن أن مقام أيوب عليه السلام كان بالشام (في دمشق أو حواليها)، وأن الله أرسله إلى أمة الروم، ولذلك يذكر بعض المؤرخين أنه من أمة الروم.

-11 قالوا: وقد عاش أيوب (93) سنة.

(ب) وقد عرض القرآن الكريم إلى جوانب يسيرة من حياة أيوب عليه السلام، وهي الأمور التالية:

-1 إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى إليه.

-2 إشارة إلى قصة بلائه وما مسَّه من الضر، ثم كشف الضر عنه بمغتسل بارد وشراب، ثم هبة الله له أهله ومثلهم معهم.

-3 إشارة إلى يمينه التي حلفها، والطريقة التي علمه الله أن يبرَّ فيها بيمينه.

قال الله تعالى: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} [الأنبياء: 84].

وقال تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِي الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} [ص: 41-44].
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://love4all.hooxs.com
m.r.m
الفرعون العاشق
m.r.m


عدد الرسائل : 254
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 04/07/2008

قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9) Empty
مُساهمةموضوع: رد: قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9)   قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9) Icon_minitime1الأربعاء أغسطس 13, 2008 10:46 pm


إبراهيم عليه السلام


قد أثبت الله نبوته ورسالته في مواطن عديدة من الكتاب العزيز، وشهد له بأنه كان أمة قانتاً لله حنيفاً. قال تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُنْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنْ الصَّالِحِينَ} [النحل: 120 - 122].


نسب إبراهيم:

ذكر المؤرخون نسبه واصلاً إلى سام بن نوح عليه السلام، ونوح - في سلسلة نسب إبراهيم- هو الأب الثاني عشر. وقد أسقط بعض النسابين من آبائه في سلسلة النسب (قينان)، بسبب أنه كان ساحراً.

فهو على ما يذكرون: إبراهيم "أبرام" (عليه السلام) بن تارح "وهو آزر كما ورد في القرآن الكريم" بن ناحور بن ساروغ "سروج" بن رعو بن فالغ "فالج" بن عابر بن شالح بن قينان - الذي يسقطونه من النسب لأنه كان ساحراً - بن أرفكشاذ "أرفخشذ" بن سام بن نوح (عليه السلام). والله أعلم.



حياة إبراهيم عليه السلام في فقرات:

-1 موجز حياته عند أهل التاريخ:

ذكر المؤرخون: أنه ولد بالأهواز، وقيل: ببابل - وهي مدينة في العراق -.

ويذكر أهل التوراة أنه كان من أهل "فدّان آرام" بالعراق.

وكان أبوه نجاراً، يصنع الأصنام ويبيعها لمن يعبدها.

وبعد نضاله في الدعوة إلى التوحيد ونبذ الأصنام، وما كان من أمره مع نمروذ بن لوش ملك العراق، وإلقائه في النار، ونجاته منها بالمعجزة - كما قص الله علينا في كتابه المجيد -، انتقل إلى أور الكلدانيين - وهي مدينة كانت قرب الشاطئ الغربي للفرات - ومعه في رحلته زوجته سارة وقد آمنت معه، وابن أخيه لوط بن هاران بن آزر وقد آمن معه وهاجر معه، كما قال تعالى: {فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [العنكبوت 29].



كما هاجر معه في الرحلة ثُلة من قومه الذين آمنوا معه، وأبوه آزر دون أن يؤمن به، وأقام في أور الكلدانيين حقبةً من الزمن.

ثم رحل إلى حاران أو "حرَّان".

ثم رحل إلى أرض الكنعانيين - وهي أرض فلسطين -، وأقام في "شكيم" وهي مدينة "نابلس".

ثم رحل إلى مصر، وكان ذلك في عهد ملوك الرعاة، وهم العماليق - ويسميهم الرومان: "هكسوس" -، واسم فرعون مصر حينئذٍ: "سنان بن علوان"، وقيل "طوليس".

وقد وهب فرعون هذا سارة زوجة إبراهيم - بعد أن عصمها الله منه - جاريةٌ من جواريه اسمها: "هاجر"، فوهبتها لزوجها فاستولدها.

ولما وُلِدَ له من هاجر "إسماعيل" - وكان عمره (86) سنة - سافر بأمر من الله إلى وادي مكة، وترك عند بيت الله الحرام ولده الصغير إسماعيل مع أمه هاجر، وعاد إلى أرض الكنعانيين.

ثم وهبه الله ولداً من زوجته سارة سماه "إسحاق"، وذلك حين صار عمره (100) سنة.

وكان يتعهد ولده إسماعيل في وادي مكة من آن إلى آخر، وبنى مع ولده إسماعيل البيت الحرام بأمر من الله. قال الله تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127].



وقد جاء في الإِصحاح الخامس والعشرين من "سفر التكوين": أن إبراهيم تزوج بعد وفاة سارة زوجة اسمها "قطورة"، فولدت له ستة أولاد هم: زمران ويقشان ومدان ويشباق وشوحا ومديان.

وإلى مديان - هو مدين - بن إبراهيم هذا ينسب "أهل مدين" الذي أرسل إليهم "شعيب عليه السلام".

ولما بلغ عمر إبراهيم عليه السلام (175) سنة ختم الله حياته في أرض فلسطين، ودفن في مدينة الخليل "حبرون وكان اسمها في الأصل قرية أربع"، في المغارة المقام عليها الآن مقام الخليل عليه السلام، وتعرف بمغارة الأنبياء.

واختتن وهو ابن ثمانين سنة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اختتن إبراهيم النبي وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم". رواه البخاري ومسلم.



-2 لمحات من قصة إبراهيم عليه السلام في القرآن:

وقد بسط القرآن الكريم مشاهد بارزة مهمة من حياة سيدنا إبراهيم عليه السلام في عدة سور، وأبرز ما فيها النقاط التالية:

-1 بدأ حياته عليه السلام باحتقار الأصنام، وبيان سخف عبادتها، ثم ثورته عليها وتحطيمها، غير مكترث بما ينجم عن عمله هذا، وتنبيه عابديها على خطئهم البالغ في عبادتها وتعظيمها، ونشأته على ما بقي محفوظاً من ملّة نوح عليه السلام.

-2 تأمّلاته في ملكوت السماوات والأرض، وبحثه الذي دلّه على جلال الرب وكمال صفاته وتنزه ذاته عن كل صفة من صفات الحدوث وعوارض النقص.

-3 توجُّهه إلى الله فاطر السماوات والأرض، وتبرؤه مما يشرك المشركون.

-4 بلوغه منزلة النبوة والرسالة باصطفاء الله له، واضطلاعه بمهامها، وإنزال الصحف عليه المسماة "بصحف إبراهيم".

-5 محاجّته لقومه بالبراهين والأدلة المنطقية المقنعة والملزمة، وثباته في محاجّةِ من آتاه الله الملك في البلاد، وارتقاؤه إلى أعلى مراتب الإِيمان بأن الله هو الذي يميت ويحيي، ويطعم ويسقي، ويمرض ويشفي، وبيده كل شيء.

-6 تعرضه للعذاب من قبل قومه، وذلك بإيقاد النار له في بنيان أعدوه لهذا الغاية، وإلقاؤه فيها، وصبره وثباته وثقته بالله، ثم سلامته من حرّها وضُرّها، إذ قال الله لها: {يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [الأنبياء:69] !!

-7 عزمه على الهجرة من أرض الشرك، وإيمان لوط به ومهاجرته معه.

-8 إثبات أن الله أنزل عليه صحفاً تسمى "صحف إبراهيم".

-9 زيارته مكة، وإسكانه في واديها بعض ذريته وهو "إسماعيل". ورفع قواعد بيت الله الحرام فيها بعد سنوات من الإسكان مع ولده إسماعيل عليهما السلام. وعهدُ اللهِ له ولولده إسماعيل أن يطهرا البيت للطائفين والعاكفين والركّع السُّجود، وأمر الله له أن يؤذِّن في الناس بالحج. ومشاهد رائعة من مواقف التجاءاته إلى الله، ومناجاته له بالعبادة والدعاء.

-10 طلبه من الله أن يريه كيف يحيي الموتى، وذلك ليطمئن قلبه، ويزداد يقينه بالحياة بعد الموت، إذا رأى بالمشاهدة الحسية كيفية حدوث ذلك.

-11 أن الله وهبه - على كبر سنه - إسماعيل وإسحاق، وخرق العادة له بإكرامه بإسحاق من امرأته العجوز العاقر "سارة".

-12 مجادلته الملائكة المرسلين لإِهلاك قوم لوط، لعل الله أن يدرأ عنهم العذاب الماحق، وذلك طمعاً بأن يهتدوا ويستقيموا، إلاَّ أن جواب الرب ناداه: {إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} [هود: 11].

-13 إكرام الله له بأن جعل في ذريته النبوة والكتاب من بعده، وقد كان واقع الأمر كما وعده الله، فجميع الأنبياء والرسل من بعده كانوا من ذريته. أما لوط عليه السلام فإنه كان معاصراً له، على أن إبراهيم كان عمه فيمكن دخوله في عموم الذرية.

قال أبو هريرة: (تلك أمكم يا بني ماء السماء).

مَهْيَمْ: كلمة استفهام، بمعنى: ما حالك، ما شأنك؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://love4all.hooxs.com
 
قصص الانبيــاء....كلـــها من اول سيدنا ادم الى سيدنا محمد (9)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
love4all :: المنتدى الاسلامى :: مواضيع اسلاميه-
انتقل الى: