love4all
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

love4all

منتدى لكل العشاق
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 اللغة والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
jasser
مشرف منتدى الافلام



عدد الرسائل : 14
العمر : 34
تاريخ التسجيل : 05/08/2008

اللغة والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً Empty
مُساهمةموضوع: اللغة والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً   اللغة والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً Icon_minitime1الأحد أغسطس 10, 2008 5:06 pm

يمكننا أن نفهم كيف أن مصر، وكذلك تونس المتميزتان أنثروبولوجياً عن العرب الساميين، قد أصبحتا عربيتى الثقافة- على الأقل بالنسبة للنخب – بفضل الاحتكاك الطويل لغوياً ، ودينياً ، وأخيراً على الصعيد السياسي جراء الوقوف في معسكر واحد (لفترة معينة) هو معسكر النضال ضد الاستعمار الغربي الحديث والمعاصر.


والسؤال المركزى فى هذا السياق هو ما يلى : هل يمكن اعتبار اللغة العربية ( التى فرضت على مصر فى عهد عبد الملك بن مروان عام 87 هـ و اختيرت لتونس رسميا عام 1974 لغة أولى للشعبين ) لسانَ الأمmother tongue ؟ بالتأكيد لا . فالمصريون و التونسيون لا يتكلمون فى الأسواق و مع ذويهم بالفصحى , بل باللغة الدارجة , سواء كانت العامية المصرية المنحدرة من الديموطيقية الى القبطية , أو كانت اللغة التونسية المتصلة بلغة البربر , بالتوازى مع الفرنسية التى فرضت على المثقفين و موظفى الادارة من قبل المحتل الفرنسى لما يقرب من قرن و نصف قرن من الزمان.


غير أن فعل الكلام , و الذى هو أحد تجليات اللغة , قد احتفظ لدى الشعبين فى مصر و تونس بدرجة كبيرة من الاستقلالية تمسكاً بلسان الأم, تاركاً للطبقات العليا فى الدولتين التعامل مع العربية الفصحى , تلك الطبقات التى خضعت لعوامل الأيديولوجيا , و العوامل السياسية , لكى تثبت مركزها عند الفاتحين أياً كانت أجناسهم و ثقافاتهم . لكن الذى يؤكد أكثر أصالة لسان الأم , هو ذلك السلوك التلقائى عند هؤلاء المثقفين , و الإداريين و المتمثل فى كلامهم بلغة الشعب فى حياتهم اليومية , حينما لا يكونون مشغولين بالكتابة, أو إلقاء المحاضرات أو البيانات الرسمية , فى مجرى الصراع الطبقى داخل مجتمعاتهم.


ً قال جاك بيرك : اللغة أداة للوجود . فأنا لا أوجد , ككائن بشرى , قبل أن ألتحق بمؤسسة اللغة . قبل ذلك أنا مجرد كائن طبيعى تحكمه قوانين الطبيعة , مثل الطفل الذى تسميه اللغة الفرنسية infans أى الذى لا يتكلم . و لأن الطفل الرضيع لا يتكلم فلا غرو ألا تُحق له كل حقوق الانسان الكامل مثل الزواج و الترشيح للمناصب.و الانتخابات و التصرف فى أملاكه , فضلا عن حريته فى اختيار دين أو عقيدة ..إلخ.


الكلام التلقائى إذن هو الوجود . لكن الكلام وحده لا يكفى لبلوغ المرء مرحلة الوجود المتحضر . إذ لا بد من تحقيق التراكم المعرفى علمياً و فلسفياً , فناً و أدباً يمكنه العيش و التجدد , و إثراء الأجيال التالية بخبرات الاجيال السابقة . ذلك كان الداعى لاختراع الكتابة . فأما اللغات التى عجزت , أو قمعت و حجمت كى لا تمارس فعل الكتابة ( مثل العامية المصرية , و البربرية و الأمازيغية ) فلقد لجأت الى الفنون و الآداب الشفاهية , كالموسيقى و الغناء و السير و الحكايات تعبر بها عن آمالها المحبطة , و همومها المتجددة . و تقف السيرة الهلالية بين هذه الحكايات موقفا متميزا , من حيث ربطها بين مصر – و من وراء مصر الحجاز التى قدم منها الهلاليون و بين تونس حيث دارت وقائع حرب ضروس , انتصر فيها عنف البداوة العربى على مدينة قرطاجة التى بناها الفينيقيون أصحاب الحضارة القديمة قرناء الاغريق و الرومان .


ليس هذا مجال تلخيص أحداث السيرة . و لكن يكفى – فى معرض الإقرار بجدارة الثقافة الشعبية فى البلدين – أن نشير الى ما ذكره ابن خلدون من أن العرب لا يحصل لهم ملك بغير عصبية وأنهم تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب، خُلقاً فيهم وجِبلّة. و هو ما دعا الخليفة المستنصر للاستعانة بفصيل من هؤلاء العربان بالضد على المعز بن باديس صاحب القيروان , حيث انطلق الهلاليون ينشرون الشر و الغدر فى ربوع تونس الخضراء , الى درجة أن تقوم سعدى ابنة الزناتى – الذى أوقف الهلاليين طويلا – بالتحريض على أبيها لتظفر بحب مرعى عدو بلادها . و تكشف قصة مقتل الزناتى عن تأثر أصحاب السيرة (و غالبا هم من المصريين و التوانسة ) بالإلياذة , حيث تتشابه مقتلة الزناتى طعنا فى عينه , بمقتل آخيل من كعبه . و الأسوأ أن أبا زيد يتنكر فى هيئة طبيب معالج ليتوجه الى الرجل الطعين فى عينه يضع له السم بدلاً من الدواء الشافى. ألا يذكرنا هذا بالموقف المعاكس من صلاح الدين الأيوبي الذى تنكر أيضا فى زى طبيب ليعالج بفروسية النبلاء عدوه ريتشارد قلب الأسد ؟!


إن قصة صلاح الدين هذه – و المكتوبة باللغة العربية – انما تتفاخر بشهامة العربى و خلقه الرفيع , و سواء كانت هذه القصة حقيقية أو مخترعة , فلا شك أنها تعبر (على المستوى الرسمى للغة) عما ينبغى أن يكون . بينما تذهب السيرة الشعبية الى التعبير عما هو كائن بالفعل , دون تزييف أو تزويق. أن الظلم الذي حاق بالثقافة الشعبية في كل مكان ليرد الى تلك الثنائية الشريرة التى تقسم البشر الى أسياد وعبيد والمجتمع البشري الى طبقات واللغة الإنسانية الى منظومة للفكر والأدب الرفيع ومنظومة لمجرد البقاء والوجود المهمش.


وهذا لا غرو يعيدنا الى تأمل العلاقة بين فعل الكلام وبين اللغة وما بينهما من ازدواجية هى أيضاً تعبير عن الانقسام لدى المجتمعات والأفراد. فعلى الجانب الأنطولوجي يظل الكلام موجوداً ما بقى البشر مستمداً وجوده بالطبع من لغة الام على المستوى الحياتي، فإذا كانت الحياة هذه طيبة اتسعت "اللغة" بالتثقيف الاجتماعي والذاتي لتشمل أنواعاً من الفكر فلسفة وعلوماً وآداباً. يقول العرب " ثقف العود أى هذبه وشذبه" أى صار خليقاً بأداء وظائف أخرى غير الوظيفة الأولى والتى هى (الوجود) أما إذا نكدت الحياة وحاق الظلم بشرائح وطبقات دون غيرها فإن المظلومين يكتفون بالوجود دون الفكر وسرعان ما تحل محل لغتهم لغة أخرى خاصة بالظالمين .. هكذا ظهرت الهيروغليفية كلغة للكتابة عند قدماء المصريين، لغة لا يعرفها عامة الشعب بل الكهنة والحكام والإداريون ، وبالمثل فإن لغة الشعب في الشمال الأفريقي (وهى خليط من لغة البربر والعربية الدارجة ) لم تكن يوماً لغة للكتابة فكان سهلاً أن تنتشر اللغة الفرنسية انتشارها الواسع بين الصفوة والمتعاملين مع المحتل، إلى أن بدأت الدعوة الى التعريب على يد خير الدين (صاحب أقوم المسالك في تعريف الممالك) منذ الثلث الأخير للقرن التاسع عشر. فهل كانت الدعوة هذه الى التعريب دعوة للوجود أم للفكر ؟ وهل كان منتظراً من الطبقات الشعبية أن توجد أولاً على المستوى الحياتي الوجود الإنساني المستقل الثري أم يزيح هذا الوجود الأولى جانباً ليتعلم لغة أخرى هى أيضاً وافدة كالفرنسية، مع التسليم بأن العربية متصلة بالدين الإسلامي اتصالاً وثيقاً وإن لم يكن عضوياً (بدليل دخول الفرس والأتراك والأندونسيين الإسلام دون تخل منهم عن لغاتهم الأصلية) لكن مثقفاً كبيراً هو هشام جعيط يكتب في مجلة المستقبل العربي أبريل 1982 قائلاً عن كتابة الأدب باللغة العربية أنه / (ربما يعود اليها الفضل الأساسي في انتزاع اللغة العربية من عالم أهل الدين ليقذف بها بقوة داخل عالم علماني)!


فمن الواضح أن هذا القول يفتقر الى الانسجام من حيث فصله المتعسف بين ما يسميه اللغة الدينية واللغة العلمانية. لكنه يفعل ذلك للهرب من القضية الحقيقية ألا وهى قضية الإزدواج اللغوي المعبرة بقوة عن الانقسام الطبقي في المجتمعات العربية من الخليج الى المحيط.


بالمقابل لهذا الوعى الأبستمولوجي المشتت عند هشام جعيط، نرى المفكر الراحل د. غالي شكري يقول في كتابه الثقافة العربية في تونس معلقاً على زعم طه حسين... أن اللغة العربية مشتركة بين مصر وغيرها " إن تعميم طه حسين بقوله "مصر " يخرج باشكالية اللغة من ذلك التشكيل الطبقي الذي عاصر النهضة لحظة صعود الطبقة الوسطى .


تقوم نظرية تشومسكي على أن اللغات الإنسانية جميعاً لغة واحدة على مستوى البنية العميقة، فلا توجد لغة تحتوي فيها الجملة الفعلية على أكثر من فاعل واحد بجانب مفعول أو أكثر أو حتى بدون مفعول ، إنما الاستحالة في وجود الجملة بدون فاعل أو نائب له.


لكن اللغات العديدة لها أيضاًَ أسسها الهيكلية بحيث تتشابه مجموعة اللغات الهندوأوربية في كثير من الخصائص، تختلف عن الخصائص التى تجمع فرع اللغات السامية كالعربية والعبرية، واللغات الحامية كالمصرية القديمة والأمازيغية المنتسبة جغرافيا الى الشمال الافريفي. فالجملة العربية تبدأ عادة بالفعل في إلماحة الى أولوياته على الذات الفاعلة "وكأن الأفعال مقدرة سلفاً" أما العائلتان اللاتينية والحامية فتبدآن بالفاعل أو المبتدأ للتأكيد على أولوية الذات وقدرتها على مباشرة أفعالها. أنظر الى بناء الجملة العربية الآتي: سار الرجل مسرعاً. مقابل المصرية التى تقول الراجل مشى فكيك.


يحدث هذا في مجريات العقل الباطن الجمعي ، وليس على مستوى التعامل الفردي، فالفرد يكاد أن يكون غير موجود أمام سلطة اللغة، وسلطة القبيلة وسلطة الدولة ... إلخ.


وثمة فارق آخر بنيوى أيضاً فى تشكيل الجملة المنفية يتعلق بتكوين الجملة الفعلية عند النفى..فاللغة العربية تجد ميلها الطبيعى متوجهاً الى نفى الفعل ابتداء ( وكأنها ترتاح الى ذلك) ، يقول المتكلم باللغة العربية " لم ير الرجل شيئاً ... لم يجد أخى أحداً يفهمه ... أما المصرية فتجعل أداة النفى تالية للفاعل والفعل معاً " الراجل شافش حاجة ... لقتيش حد يفهمنى " وهكذا ، وحتى اذا ألحق بالفعل المنفى حرف " ما" العربى (نتيجة التأثر اللغوى ) فإن هذا الالحاق لا يقصد به استعمال الـ" ما " بإعتبارها أداة نفى ، وإلا لوجب حذف حرف " الشين" المصرى الدال على النفى . وإنما تستخدم الـ " ما " للدلالة على المصدرية الظرفية مثل " وأوصانى بالصلاة والزكاة ما دمت حياً " للإشارة الى الدوام لا الى النفى .


لقد آن الأوان للثقافات الشعبية التى طالما ظُلمت ، وطالما هُمشت أن تتحرك فى إتجاه عالم جديد ، حر وشجاع حقاً . عالم لا يعرف التفرقة بين أسياد ومسودين ، أو بين كبير وصغير ، أو بين رجل وإمرأة ، أو بين أصحاب عقائد وأديان ولغات ، وأصحاب عقائد وديانات ولغات أخرى ، فللجميع الحق فى الحياة والتعايش مع الغير على خلفية التنوع البشرى الخلاق .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
m.r.m
الفرعون العاشق
m.r.m


عدد الرسائل : 254
العمر : 33
تاريخ التسجيل : 04/07/2008

اللغة والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً Empty
مُساهمةموضوع: رد: اللغة والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً   اللغة والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً Icon_minitime1الثلاثاء أغسطس 12, 2008 1:50 am

ايه الكلام الكبير ده يا جاسر
على العموم شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://love4all.hooxs.com
 
اللغة والثقافة الشعبية المظلومة - مصر وتونس نموذجاً
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
love4all :: المنتدى التعليمى :: الثقافه و التعليم-
انتقل الى: